المرأة الإماراتية.. سند قوي وشريك فاعل في مسيرة البناء
27/8/2017 - عن الإمارات اليوم:
عبر سنوات طويلة، كانت مشاق الحياة في إمارات الساحل المتصالح أشد وطأة على النساء منها على غيرهن، فكنَّ أقل تعليماً، وأقل نيلاً للعناية الصحية، وأكثر معاناة من الأوضاع القاسية في المنطقة. ويوضح التطوّر التاريخي، والواقع الاجتماعي أن سكان الإمارات كانوا ينتمون إلى مجموعتين، الأولى البداوة، والثانية الحضر، وكانت الأسرة هي النواة الأساسية للقبيلة، وتمثل النموذج الأمثل للأسرة الأبوية.
وكانت المرأة وسط هذه البيئة لا ترقى سياسياً أو اجتماعياً إلى مستوى الرجل، لكن دورها الذي تقوم به اليوم له جذوره في مجتمع الصحراء، وفي مجتمع الغوص أيضاً، إذ كانت شريكة الرجل في أعباء الحياة، ولها دورها الكبير في الحياة اليومية، بحسب ما يذكر كتاب «زايد والمرأة» (سلسلة الأنشطة التربوية) الصادر عن مركز الوثائق والبحوث عام 2004.
ويشير الكتاب إلى أن دور المرأة في الإمارات قبل الاتحاد يعني مجموعة متكاملة من الأدوار، تعبّر عنها مجموعة من النماذج السلوكية، فدور المرأة مشتق من دورها أمّاً وربة منزل في النظام الأسري، ودورها منتجة في النظام الاقتصادي. ويبين الواقع الاجتماعي للإمارات أن المرأة أدت العديد من الأدوار التي فرضتها مكانتها، وحددها السياق الاجتماعي والثقافي المتمثل بالاقتصاد التقليدي. وفي ظل مستوى تعليمي وخدمات تعليمية متواضعة ونظام أسري ممتد يتميز بعادات وتقاليد وقيم مستمدة من الدين الإسلامي والتقاليد العربية، مارست المرأة دورها زوجة ومربية للأبناء، والقيام بالأعمال المنزلية، ومساعدة زوجها في أداء بعض الأنشطة الإنتاجية، بهدف إشباع الحاجات الأسرية، خصوصاً التنشئة الاجتماعية.
فإلى جانب دورها في تربية الأطفال ورعايتهم، كانت المرأة تساهم في اتخاذ القرارات الخاصة في المنزل واستقبال الضيوف والقيام بالأعمال الإنتاجية كطحن الغلات والغزل والحياكة وتعليم وتحفيظ البنات القرآن الكريم. وأيضاً مانت المرأة تقوم بتربية الماشية وجلب الماء من الآبار والعمل في فلاحة الأرض وسقي الزرع والقيام ببعض الصناعات الحرفية كصناعة الحصير والسلال والسجاد والخيام والصناديق.
ومع بدء ظهور النفط، وانطلاقة التغيير الاجتماعي المعاصر في الإمارات، شهدت البيئة الإماراتية زيادة في التعليم والوعي، وانحسرت مهام القبيلة، وشهد المجتمع تحولات انتقلت إلى عالم المرأة التي كان للتعليم دور كبير في تنمية الوعي لديها. وأولت دولة الاتحاد المرأة اهتماماً خاصاً، لأن التغيرات الاجتماعية لا يمكن أن تحدث دون مواكبة المرأة للنهضة الشاملة. وانطلاقاً من إيمان القائد المؤسس الشيخ زايد بدور المرأة، فقد شجع الحركة النسائية، وقدم لها الدعم الكامل، فأخذت المرأة تتحمل مسؤولياتها، وتتبوأ مكانتها في عملية بناء المجتمع، وتحقق لابنة الإمارات الكثير من الآمال التي كانت تحلم بها، خصوصاً في مجال العلم والعمل، وأتيحت أمامها فرصة المشاركة الفعلية في بناء الوطن. ومنذ قيام الدولة، كان الشيخ زايد، رحمه الله، يؤمن بأن الإمارات وهي تنطلق نحو التطور في كل الصعد، لا يمكنها أن تنكر على المرأة، وهي نصف المجتمع، دورها التنموي الاجتماعي، وفي هذا الإطار، أدرك أن سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، يمكن أن تؤدي دوراً كبيراً في تغيير وضع المرأة وتحسين حالها.
.
في هذا الصدد يقول الشيخ سعود بن صقر القاسمي، بحسب ما ورد في كتاب «زايد.. رجل بنى أمة» الصادر عن «الأرشيف الوطني»، تأليف غريم ويلسون، وصدرت الطبعة الأولى منه في 2013: «كانت سموّ الشيخة فاطمة على إيمان صلب وراسخ، ليس فقط بأن للنساء دوراً في تطوير الإمارات ودفعها في مسالك التقدم، وإنما كانت على يقين بأن دورهن سيكون محورياً في هذه العملية، وكان تصميمها لا يتزعزع، وبتشجيع من زوجها الرئيس، ودعمه، نظمت في عام 1973 أول جمعية نسائية في الإمارات، وهي جمعية نهضة المرأة الظبيانية، التي كان من أهم أهدافها التشجيع على التعلم مع التركيز على الكبار ومحو الأمية. وكان النجاح الكبير الذي حققته هذه الجمعية الرائدة دافعاً إلى إنشاء جمعيات مماثلة في الإمارات الأخرى، وسرعان ما تم تأسيس جمعية النهضة النسائية في دبي، وجمعية الاتحاد النسائي في الشارقة، وجمعية أم المؤمنين النسائية في عجمان، والجمعية النسائية في أم القيوين، وجمعية نهضة المرأة في رأس الخيمة». وفي عام 1975 أسست سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك الاتحاد النسائي العام، ليكون بمثابة المظلة الجامعة لكل الجمعيات، وكانت لها ميزانيتها الخاصة، واتسع نشاطها ليشمل العناية بالأم والطفل، وبالشؤون الاجتماعية، والنشاط الثقافي والرياضة، والاهتمام بالتراث والأعمال الفنية. وانتشرت فروع الاتحاد في الإمارات وكل أرجاء البلاد حتى بلغ عددها 31 فرعاً.
وحظيت المرأة